لقد فرض الإسلام على المرأة طلب العلم شأنها في ذلك شأن الرجل، وذلك واضح فيما رواه أنس بن مالك عن النبي ﷺ أنه قال: «طلب العلم فريضة على كل مسلم»، والمسلمة تدخل في عموم الحديث في ظل تغليب الرجال على النساء في عمومات القرأن والسنة، وكل توجيه في القرآن الكريم لطلب العلم أو رفعة أهله يصرف إلي الرجال والنساء معاً.
حق المرأة في طلب العلم
ومن ثم فإن الإسلام يحث علي طلب العلم لمواكبة العصور في سباق العلم والعلماء من الجنسين، كما قال الله سبحانه وتعالي: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿1﴾ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿2﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿3﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿4﴾ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ – سورة العلق (1-2-3-4-5)»، فهذه أول أيات نزلت علي الرسول ﷺ تبشر بالرسالة العظيمة الشاملة وتحمله مسئولياتها، وهي مفتاح التعلم وتامر بتعلم الناس العبادة، وما لم يعملوا ثم ذكر القلم وهو وسيلة الكتابة.
تابع أيضاً: حقوق المرأة في الإسلام «بنتاً – زوجة – أماً».
ثم نجد القرأن يرفع شأن العلماء فيقول: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ – سورة المجادلة (11)»، ويقول سبحانه: «هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ – سورة الزمر (9)»، وذلك يشمل الرجال والنساء معا.
وأما ما يخص المرأة فقد جاء عن النبي ﷺ أنه قال: «أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران»، رواه البخاري والنسائي وابن ماجة، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين».
ولم يكن تلقي العلم مقصوراً علي الرجال في عهد الرسول ﷺ، بل كان يتلقاه كذلك النساء، حيث طلبت النساء من الرسول ﷺ، أن يجعل لهن يوماً يعلمهن فيه كما يعلم الرجال، فأجاب ﷺ مطلبهن، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قالت النساء للنبي ﷺ: يا رسول الله: غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهن يوماً لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن، مسند الإمام أحمد، وفتح الباري.
قد يهمك أيضاً: تحريم العضل في الإسلام.. ما يُقصد من ورائه؟.
ويقول أبو زرعة الرازي: توفي النبي ﷺ ومن رأى وسمع منه زيادة علي مائة ألف إنسان من رجل وامرأة كلهم قدرووا عنه سماعاً أو رواية، فكانت المرأة تتعلم علي الرجل وتأخذ عنه العلم، كما كان الرجل يتعلم علي المرأة ويأخذ عنها العلم، ولقد برع في مجال العلم بفنونه المختلفة كثير من النساء في عهد النبي ﷺ، وأمر عليه الصلاة والسلام: أن تخرج البنات البالغات واللاتي تكن في حالة حيض في عيد الفطر والأضحى يتعلمن ما ينفعهن من تعاليم الإسلام لقول أم عطية الأنصارية رضي الله عنها: «أمرنا رسول الله أن نخرج في الفطر والأضحى، العواتق والحيض وذوات الخدور فأما الحيض فيعزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله إحداهن لا يكون لها جلباب، قال: لتلبسها أختها من جلبابها» البخاري ومسلم.
وثبت أن الشفاء بنت عبد الله المهاجرة القرشية العدوية علمت حفصة ام المؤمنين الكتابة بإقرار من سول الله ﷺ، وهذه أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها، كانت من أفقه نساء العالم، كثيرة الحديث عن رسول الله ﷺ، وصدق الله العظيم إذ يقول: «وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَىٰ فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ۚ – سورة الأحزاب (34)».
قد يعجبك أيضاً: المرأة في الإسلام «التعظيم والتكريم».
الخاصة: النساء كان لهم تأثير كبيراً ودور عظيم في التاريخ الإسلامي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فهذه أسماء أخت عائشة رضي الله عنها كانت عالمة، وقد روت عن رسول الله ﷺ ستة وخمسين حديثاً، والصحابية أم الدرداء الفقيهة الزاهدة، والتاريخ الإسلامي أخبرنا بأن نساء المسلمين كان منهن أدبيات وشاعرات وفقيهات.